الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)
هذه هي حقيقة هذا الدين وطريقته وهذه هي خطته الحركية ووسيلته..وهذه هي الحقيقة التي شاء الله أن يعلمها للجماعة المسلمة وهو يربيها بأحداث معركة أحد؛ وبالتعقيب على هذه الأحداث..حينما قصرت في تمثيل حقيقة هذا الدين في ذات نفسها في بعض مواقف المعركة. وحينما قصرت في اتخاذ الوسائل العملية في بعض مواقفها. وحينما غفلت عن تلك الحقيقة الأولية أو نسيتها؛ وفهمت أنه من مقتضى كونها مسلمة أن تنتصر حتماً بغض النظر عن تصورها وتصرفها- حينئذ تركها الله تلاقي الهزيمة؛ وتعاني آلامها المريرة. ثم جاء التعقيب القرآني يردها إلى تلك الحقيقة: {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير}..ولكنه- كما قلنا في سياق الاستعراض للنصوص- لا يترك المسلمين عند هذه النقطة بل يصلهم بقدر الله من وراء الأسباب والنتائج؛ ويكشف لهم عن إرادة الخير بهم من وراء الابتلاء الذي وقع بأسبابه الظاهرة من تصرفاتهم الواقعة..إن ترك المنهج الإلهي يعمل ويتحقق عن طريق الجهد البشري ويتأثر بتصرف البشر إزاءه.. هو خير في عمومه فهو يصلح الحياة البشرية ولا يفسدها أو يعطلها؛ ويصلح الفطرة البشرية ويوقظها ويردها إلى سوائها.. ذلك أن حقيقة الإيمان لا يتم تمامها في قلب حتى يتعرض لمجاهدة الناس في أمر هذا الإيمان. مجاهدتهم باللسان بالتبليغ والبيان؛ ومجاهدتهم باليد لدفعهم من طريق الهدى حين يعترضونه بالقوة الباغية.وحتى يتعرض في هذه المجاهدة للابتلاء والصبر على الجهد والصبر على الأذى والصبر على الهزيمة والصبر على النصر أيضاً- فالصبر على النصر أشق من الصبر على الهزيمة- وحتى يتمحص القلب ويتميز الصف وتستقيم الجماعة على الطريق وتمضي فيه راشدة صاعدة متوكلة على الله.حقيقة الإيمان لا يتم تمامها في قلب حتى يتعرض لمجاهدة الناس في أمر هذا الإيمان. لأنه يجاهد نفسه أولاً في أثناء مجاهدته للناس؛ وتتفتح له في الإيمان آفاق لم تكن لتتفتح له أبداً وهو قاعد آمن سالم؛ وتتبين له حقائق في الناس وفي الحياة لم تكن لتتبين له أبداً بغير هذه الوسيلة؛ ويبلغ هو بنفسه وبمشاعره وتصوراته وبعاداته وطباعه وبانفعالاته واستجاباته ما لم يكن ليبلغه أبداً بدون هذه التجربة الشاقة المريرة.وحقيقة الإيمان لا يتم تمامها في جماعة حتى تتعرض للتجربة والامتحان والابتلاء وحتى يتعرف كل فرد فيها على حقيقة طاقته وعلى حقيقة غايته؛ ثم تتعرف هي على حقيقة اللبنات التي تتألف منها مدى احتمال كل لبنة ثم مدى تماسك هذه اللبنات في ساعة الصدام.وهذا ما أراد الله- سبحانه- أن يعلمه للجماعة المسلمة وهو يربيها بالأحداث في أحد وبالتعقيب على هذه الأحداث في هذه السورة. وهو يقول لها، بعد بيان السبب الظاهر في ما أصابها: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا}.. وهو يقول: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب}. ثم.. وهو يردهم إلى قدر الله وحكمته من وراء الأسباب والوقائع جميعاً؛ فيردهم إلى حقيقة الإيمان الكبرى التي لا يتم إلا باستقرارها في النفس المؤمنة: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين}..وإذن فهو- في النهاية- قدر الله وتدبيره وحكمته من وراء الأسباب والأحداث والأشخاص والحركات.. وهو التصور الإسلامي الشامل الكامل يستقر في النفس من وراء الأحداث والتعقيب المنير على هذه الأحداث.2- وتمخضت المعركة والتعقيب عليها عن حقيقة أساسية كبيرة عن طبيعة النفس البشرية وطبيعة الفطرة الإنسانية وطبيعة الجهد البشري ومدى ما يمكن أن يبلغه في تحقيق المنهج الإلهي:إن النفس البشرية ليست كاملة- في واقعها- ولكنها في الوقت ذاته قابلة للنمو والارتقاء حتى تبلغ أقصى الكمال المقدر لها في هذه الأرض.وها نحن أولاء نرى قطاعاً من قطاعات البشرية- كما هو وعلى الطبيعة- ممثلاً في الجماعة التي تمثل قمة الأمة التي يقول الله عنها: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم المثل الكامل للنفس البشرية على الإطلاق.. فماذا نرى؟ نرى مجموعة من البشر فيهم الضعف وفيهم النقص، وفيهم من يبلغ أن يقول الله عنهم: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم}. ومن يبلغ أن يقول الله عنهم: {حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم}.. وفيهم من يقول الله عنهم: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.. وفيهم من ينهزم وينكشف وتبلغ منهم الهزيمة ما وصفه الله سبحانه بقوله: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غماً بغم لكي لا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم}..وكل هؤلاء مؤمنون مسلمون؛ ولكنهم كانوا في أوائل الطريق. كانوا في دور التربية والتكوين. ولكنهم كانوا جادين في أخذ هذا الأمر مسلمين أمرهم لله مرتضين قيادته ومستسلمين لمنهجه. ومن ثم لم يطردهم الله من كنفه بل رحمهم وعفا عنهم؛ وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنهم ويستغفر لهم وأمره أن يشاورهم في الأمر بعد كل ما وقع منهم وبعد كل ما وقع من جراء المشورة! نعم إنه- سبحانه- تركهم يذوقون عاقبة تصرفاتهم تلك وابتلاهم ذلك الابتلاء الشاق المرير.. ولكنه لم يطردهم خارج الصف ولم يقل لهم: إنكم لا تصلحون لشيء من هذا الأمر بعد ما بدا منكم في التجربة من النقص والضعف.. لقد قبل ضعفهم هذا ونقصهم ورباهم بالابتلاء ثم رباهم بالتعقيب على الابتلاء والتوجيه إلى ما فيه من عبر وعظات. في رحمة وفي عفو وفي سماحة؛ كما يربت الكبير على الصغار؛ وهم يكتوون بالنار ليعرفوا ويدركوا وينضجوا. وكشف لهم ضعفهم ومخبآت نفوسهم لا ليفضحهم بها ويرذلهم ويحقرهم ولا ليرهقهم ويحملهم ما لا يطيقون له حملاً. ولكن ليأخذ بأيديهم ويوحي إليهم أن يثقوا بأنفسهم ولا يحتقروها ولا ييأسوا من الوصول ما داموا موصولين بحبل الله المتين.ثم وصلوا.. وصلوا في النهاية وغلبت فيهم النماذج التي كانت في أول المعركة معدودة. وإذا هم في اليوم التالي للهزيمة والقرح يخرجون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هيَّابين ولا مترددين ولا وجلين من تخويف الناس لهم حتى استحقوا تنويه الله بهم: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}..ولما كبروا بعد ذلك شيئاً فشيئاً.. تغيرت معاملتهم وحوسبوا كما يحاسب الرجال الكبار. بعد ما كانوا يربتون هنا كما يربت الأطفال! والذي يراجع غزوة تبوك في سورة براءة؛ ومؤاخذة الله ورسوله للنفر القلائل المتخلفين تلك المؤاخذة العسيرة يجد الفرق واضحاً في المعاملة؛ ويجد الفرق واضحاً في مراحل التربية الإلهية العجيبة.كما يجد الفارق بين القوم يوم أحد والقوم يوم تبوك.. وهم هم.. ولكن بلغت بهم التربية الإلهية هذا المستوى السامق.. ولكنهم مع هذا ظلوا بشراً. وظل فيهم الضعف والنقص والخطأ. ولكن ظل فيهم كذلك الاستغفار والتوبة والرجوع إلى الله.إنها الطبيعة البشرية التي يحافظ عليها هذا المنهج؛ ولا يبدلها أو يعطلها ولا يحملها ما لا تطيق. وإن بلغ بها أقصى الكمال المقدر لها في هذه الأرض.وهذه الحقيقة ذات قيمة كبيرة في إعطاء الأمل الدائم للبشرية، لتحاول وتبلغ، في ظل هذا المنهج الفريد. فهذه القمة السامقة التي بلغتها تلك الجماعة إنما بدأت تنهد إليها من السفح الذي التقطها منه. وهذه الخطى المتعثرة في الطريق الشاق زاولتها جماعة بشرية متخلفة في الجاهلية. متخلفة في كل شيء. على النحو الذي عرضنا نماذج منه في سياق هذا الدرس.. وكل ذلك يعطي البشرية أملاً كبيراً في إمكان الوصول إلى ذلك المرتقى السامي مهما تكن قابعة في السفح. ولا يعزل هذه الجماعة الصاعدة فيجعلها وليدة معجزة خارقة لا تتكرر. فهي ليست وليدة خارقة عابرة. إنما هي وليدة المنهج الإلهي الذي يتحقق بالجهد البشري في حدود الطاقة البشرية- والطاقة البشرية كما نرى قابلة للكثير!هذا المنهج يبدأ بكل جماعة من النقطة التي هي فيها ومن الواقع المادي الذي هي فيه. ثم يمضي بها صعداً كما بدأ بتلك الجماعة من الجاهلية العربية الساذجة.. من السفح.. ثم انتهى بها في فترة وجيزة لم تبلغ ربع قرن من الزمان إلى ذلك الأوج السامق..شرط واحد لابد أن يتحقق.. أن تسلم الجماعات البشرية قيادها لهذا المنهج. أن تؤمن به. وأن تستسلم له. وأن تتخذه قاعدة حياتها وشعار حركتها وحادي خطاها في الطريق الشاق الطويل..3- وحقيقة ثالثة تمخضت عنها المعركة والتعقيب عليها.. حقيقة الارتباط الوثيق في منهج الله بين واقع النفس المسلمة والجماعة المسلمة وبين كل معركة تخوضها مع أعدائها في أي ميدان. الارتباط بين العقيدة والتصور والخلق والسلوك والتنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. وبين النصر أو الهزيمة في كل معركة.. فكل هذه عوام أساسية فيما يصيبها من نصر أو هزيمة.والمنهج الإلهي- من ثم- يعمل في مساحة هائلة في النفس الإنسانية وفي الحياة البشرية. مساحة متداخلة الساحات والنقط والخطوط والخيوط متكاملة في الوقت ذاته وشاملة. والخطة يصيبها الخلل والفشل حين يختل الترابط والتناسق بين هذه الساحات كلها والنقط والخطوط والخيوط.. وهذه ميزة ذلك المنهج الكلي الشامل الذي يأخذ الحياة جملة ولا يأخذها مزقاً وتفاريق. والذي يتناول النفس والحياة من أقطارها جميعاً ويلم خيوطها المتشابكة المتباعدة في قبضته فيحركها كلها حركة واحدة متناسقة لا تصيب النفس بالفصام ولا تصيب الحياة بالتمزق والانقسام.ومن نماذج هذا التجميع وهذه الارتباطات المتداخلة الكثيرة حديثه- في التعقيب القرآني- عن الخطيئة وأثرها في النصر والهزيمة. فهو يقرر أن الهزيمة كانت موصولة بالشيطان الذي استغل ضعف الذين تولوا بسبب مما كسبوا: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا}.. كما يقرر أن الذين قاتلوا مع الأنبياء ووفوا- وهم النموذج الذي يطلب إلى المؤمنين الاقتداء به- بدأوا المعركة بالاستغفار من الذنوب:{وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنونبا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين}.. وفي توجيهاته للجماعة المسلمة يسبق نهيه لها عن الوهن والحزن في المعركة توجيهها للتطهر والاستغفار: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}.. ومن قبل يذكر عن سبب ذلة أهل الكتاب وانكسارهم: الاعتداء والمعصية: {ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}..وكذلك نجد الحديث عن الخطيئة والتوبة يتخلل التعقيب على أحداث الغزوة كما نجد الكلام عن التقوى وتصوير حالات المتقين يتخلل سياق السورة كلها بوفرة ملحوظة. ويربط بين جو السورة كلها- على اختلاف موضوعاتها- وجو المعركة. كما نجد الدعوة إلى ترك الربا وإلى طاعة الله والرسول وإلى العفو عن الناس وكظم الغيظ والإحسان.. وكلها تطهير للنفس وللحياة وللأوضاع الاجتماعية.. والسورة كلها وحدة متماسكة في التوجيه إلى هذا الهدف الأساسي الهام.4- وحقيقة رابعة.. عن طبيعة منهج التربية الإسلامي.. فهو يأخذ الجماعة المسلمة بالأحداث وما تنشئه في النفوس من مشاعر وانفعالات واستجابات ثم يأخذهم بالتعقيب على الأحداث.. على النحو الذي يمثله التعقيب القرآني على غزوة أحد.. وهو في التعقيب يتلمس كل جانب من جوانب النفس البشرية تأثر بالحادثة ليصحح تأثره ويرسب فيه الحقيقة التي يريد لها أن تستقر وتستريح! وهو لا يدع جانباً من الجوانب ولا خاطرة من الخواطر ولا تصوراً من التصورات ولا استجابة من الاستجابات حتى يوجه إليها الأنظار ويسلط عليها الأنوار ويكشف عن المخبوء منها في دروب النفس البشرية ومنحنياتها الكثيرة ويقف النفس تجاهها مكشوفة عارية؛ وبذلك يمحص الدخائل وينظفها ويطهرها في وضح النور؛ ويصحح المشاعر والتصورات والقيم؛ ويقر المبادئ التي يريد أن يقوم عليها التصور الإسلامي المتين وأن تقوم عليها الحياة الإسلامية المستقرة.مما يلهم وجود اتخاذ الأحداث التي تقع للجماعة المسلمة في كل مكان وسيلة للتنوير والتربية على أوسع نطاق..وننظر في التعقيب على غزوة أحد فنجد الدقة والعمق والشمول.. الدقة في تناول كل موقف وكل حركة وكل خالجة؛ والعمق في التدسس إلى أغوار النفس ومشاعرها الدفينة؛ والشمول لجوانب النفس وجوانب الحادث. ونجد التحليل الدقيق العميق الشامل للأسباب والنتائج. والعوامل المتعددة الفاعلة في الموقف المسيرة للحادث كما نجد الحيوية في التصوير والإيقاع والإيحاء؛ بحيث تتماوج المشاعر مع التعبير والتصوير تماوجاً عميقاً عنيفاً ولا تملك أن تقف جامدة أمام الوصف، والتعقيب. فهو وصف حي يستحضر المشاهد- كما لو كانت تتحرك- ويشيع حولها النشاط المؤثر والإشعاع النافذ والإيحاء المثير.5- وحقيقة خامسة كذلك.. عن واقعية المنهج الإلهي.. فمن وسائل هذا المنهج لإنشاء آثاره في عالم الواقع مزاولته بالفعل فهو لا يقدم مبادئ نظرية ولا توجيهات مجردة.. ولكنه يطبق ويزاول نظرياته وتوجيهاته. وأظهر مثل على واقعية المنهج في هذه الغزوة هو موقفه إزاء مبدأ الشورى..لقد كان في استطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجنب الجماعة المسلمة تلك التجربة المريرة التي تعرضت لها- وهي بعد ناشئة ومحاطة بالأعداء من كل جانب والعدو رابض في داخل أسوارها ذاتها- نقول كان في استطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجنب الجماعة المسلمة تلك التجربة المريرة التي تعرضت لها لو أنه قضى برأيه في خطة المعركة مستنداً إلى رؤياه الصادقة؛ وفيها ما يشير إلى أن المدينة درع حصينة؛ ولم يستشر أصحابه أو لم يأخذ بالرأي الذي انجلت المشورة عن رجحانه في تقدير الجماعة! أو لو أنه رجع عن الرأي عندما سنحت له فرصة الرجوع وقد خرج من بيته فرأى أصحاب هذا الرأي نادمين أن يكونوا قد استكرهوه على غير ما يريد!
|